نهاية مسلسل باب الحارة كانت مدهشة . كلّ القصص التي افتتحت والألغاز التي تساءلنا حول حلها وصلت إلى نهايتها. فريال أطلقت النار على من خانها وغدر بأبناء حارتها .
اكتشف المكان الذي خبأ فيه أعوان مأمون بك أبا محمود (قرّبت) .
البنت الّتي تبناها أبو بدر وفوزية عادت إلى حضن أمها الطبيعية ، وأبو عصام، هل قد يرجع، في الجزء السادس من باب الحارة لأننا انتظرناه طوال ثلاثين حلقة ؟
كان مخرج باب الحارة ذكيًّا ومحنكًا لكنّه وقع في العديد من الأخطاء القاتلة ، بعض الحلقات كانت مملة إلى درجة تجعلك تتساءل أحيانًا لماذا أتابع حلقاته أصلا ؟ ألا توجد أمور أهم يمكنني القيام بها ؟ لماذا اتركها جانبا واجلس لأشاهد "باب الحارة " ؟
الجماهيرية الكبيرة التي حظي بها المسلسل خلال أجزائه الخمسة لم يسبق لها مثيل تقريبًا ، كانت هناك العديد من المسلسلات الّتي شدّت الناس ، مثل ليالي الحلمية وغيره ، وكانت هناك برامج تلفزيونية متعددة حظيت بشعبية كبيرة، سواء كان ذلك مباريات المونديال ، أو تصفيات كأس إفريقيا في كرة القدم ، أو المصارعة الحرة أو غيرها ، لكن تعاظم شعبية " باب الحارة " فاق كلّ تصور وفاجأ الجميع.
شاشات عملاقة تنصب في الشوارع ليتابع عشاق " باب الحارة " حلقات مسلسلهم المحبوب ؛ المقاهي تعج بزوار يصمتون مع بدء المسلسل ، ثم يعودون للحديث عند بث الإعلانات الدعائية الكثيرة والمملة التي تبوّظ الأعصاب .
هذه الشعبية تحسب لصالح المسلسل ويجب دراستها.
لكن ، هل يستحق المسلسل هذه الشعبية ؟ وهل أخطا الناس حين تابعوه ؟ ما رأيكم انتم ؟ هل صحيح ان هناك الكثير من الحلقات التي كان من الممكن حذفها من المسلسل لأنه لم تكن أية حاجة لها ؟ هل صحيح ان هناك الكثير من الأحداث المفتعلة ؟ وهل كان دور أم جوزيف هاما إلى درجة إعادتها من بين الأموات ؟ وهل صحيح ان من يستحق لقب البطولة هو الملازم نمر أو مأمون بك ؟ وهل صحيح أن أهم شخصية في المسلسل هي مأمون ؟
ثم، لماذا فشل " باب الحارة " في جزئه الخامس بتعويضنا عن أبي عصام وأبي شهاب ؟ فحبس الأول ولم يستطع إخراجه من السجن ، وقتل الثاني ؟ لماذا ذاب دور أبي حاتم وكاد يتلاشى مع انه كان الشخصية الأبرز في الجزء السابق ؟ وهل كانت الفكاهة في محلها في العديد من حلقات المسلسل أم أنها هدفت إلى إلهاء الناس ؟ لماذا لم يتمكن معتز من القيام بدور خاله المرحوم أبي شهاب ليكون العقيد الحقيقي؟ وهل هناك ضرورة لتزويج عصام كلّ هذه الزيجات؟ ولماذا يجب أن يفكر زوج أخته بتزويج ابنته الغضة برجل فوق سن الأربعين؟
أنا شخصيًّا اعتقد ان هناك بطلين لمسلسل " باب الحارة " : الأول – مأمون بك الذي تمتعنا بأدائه ، أقنعنا بأنه شرير واستدرجنا لكي نكرهه تماما فجرجرنا حتى حقدنا عليه وتمنينا نهاية سوداء له. والثاني – زبال الحارة زميل أبي عصام في السجن والذي احضر الرسالة التي تحمل الخبر السعيد بأن شوكت حي يرزق. أداء قصي الخولي في المسلسل كان ساحرًا، سواء في لعب دور الزبال المتلعثم وفي دور مصفي الحسابات مع الملازم الفرنسي.
لقد حافظ " باب الحارة " على شعبيته رغم نزول شخصيات كبيرة عن مسرحه ( مثل أبي عصام ، أبي شهاب ، صطيف ، بليلة بلبلوكي وغيرهم ) ويكفي اليوم ان تقول " خوذ وأعطي " ، أو " هالرقبة سدادة " لتعرف إلى أية درجة انتشرت هذه العبارات التي تذكرنا بدور أبي غالب قل 3 أجزاء..
قد يفكر المخرج بمواصلة "باب الحارة" في جزء آخر لأن الشعبية الكبيرة ستمنحه نفسا لعام آخر، وما يساعده على الاحتفاظ بهذه الشعبية هو النهايات المذهلة التي تخلق لدى المشاهدين رغبة كبيرة بالاستمرار في متابعة المسلسل. فالمشاهدون يريدون أن يعرفوا هل سيعود أبو عصام، هل.. وهل.. وهل.. وقد يتوصل إلى الاستنتاج بأن الاعتزال في الذروة والأوج أفضل.. هذا ما فعله زين الدين زيدان الذي ترك الملاعب، رغم انه كان يستطيع مواصل اللعب عدة سنوات...
لقد تمكن "باب الحارة" من قمع المرأة وتغييب دورها الفاعل على طول حلقاته، لكن دور أم جوزيف يشعرك أن للمرأة مكانتها ودورها الكبير في المساواة مع الرجل، والمبادرة لتصفية الحساب مع مأمون تقوم بها فريال، وترفع الأيدي بين الرجال والنساء معا في المعركة من أجل الحارة وترابها.
النمس أبدع في دوره وإن كان قد كرّر بعض العبارات بصورة مثيرة للملل.
أبو جودت كان ممتازا كما كان في أجزاء سابقة، لكننا زهقنا حبّه للرشوة والمال وشراء الذمم..
أبو بدر استهلك دوره المايع فصار مبتذلا، لكنّه أظهر لنا، في الوقت ذاته استقامته وشهامته (إعادة البنت المتبناة لأمها؛ الصداقة مع الزبال)
مأمون، حسب اعتقادي، أنقذ الجزء الخامس من "باب الحارة"، فمن هي الشخصية الجديدة التي سيستحدثها المخرج ليردّ الروح للمسلسل؟
هل تعتقدون أنه يجب إغلاق "باب الحارة" نهائيًّا، أم انه يستطيع الاستمرار عامًا آخر ؟ وماذا يمكن ان يعطينا بعد ؟ وهل ستكون عودة أبي عصام هي ما يعيد الحياة إلى رجال حارة الضبع؟ وهل صدق من قال إن "باب الحارة" مسلسل فارغ؟